5/5 - (1 صوت)

صبّ الخرسانة في الجو البارد

صحيح أن الخرسانة تُستخدم على نطاق واسع في البناء والتشييد الحديث، لكنها ليست مادة متكاملة! فإضافة إلى وزنها الزائد، هي معرضة للتضرر بفعل درجات حرارة الجو. وبينما يمكن تنفيذ صب الخرسانة في أي وقت من السنة وفي أي مكان تقريبا، لكن ثمة نطاقا لدرجات الحرارة يؤخذ بنظر الاعتبار لصب الخرسانة. وإن تم تنفيذ صب الخرسانة في الطقس البارد، فيجب اتخاذ احتياطات خاصة في سبيل عدم تعرض السلامة العامة للخرسانة للخطر على المديين القصير والطويل. تابعونا، للتعمق في موضوع صب الخرسانة في الأجواء الباردة.

التميؤ ودرجة حرارة الخرسانة في الطقس البارد

ويُعد الركام (الرمل والحصى) وعجينة الإسمنت التي تصنع من خلط الماء والإسمنت، مجمل المواد المكونة للخرسانة. وعندما تمتزج العجينة الإسمنتية والركام، فإنها تخلق مادة مرنة وشبه سائلة يمكن سكبها وشكلها، لكن عندما تترك لوحدها لبعض الوقت، تتصلب وتتحول إلى كتلة ثقيلة صلبة ومقاومة.

وتحصل الخرسانة على قوتها عن طريق عملية تُعرف باسم التميؤ. إن التميؤ الذي هو عبارة عن خلطة الماء والإسمنت، يضمن المقاومة النهائية للخرسانة. وخلال هذه العملية، تتفاعل المركبات في الإسمنت مع الماء ، وتتبلور وتربط كيميائيًا معًا جزيئات فردية من الأسمنت، مما ينتج عنه بلاطة صلبة.

وتتم عملية التصلب الأولي خلال الأيام القليلة الأولى بعد صب الخرسانة، لكن عملية المعالجة تستمر بشكل ما لسنوات بعد ذلك. ولهذا السبب تزداد الخرسانة قوة بمرور الوقت. ومع ذلك فان الأجواء الباردة يمكن أن تنتج مشاكل في عملية التميؤ وشك الخرسانة، بيد أن تحليل هذا الموضوع بحاجة إلى خبرة هندسية.

وفي درجات الحرارة فوق صفر درجة سنتيغراد، فان تطوير مقاومة الخرسانة الطازجة يسير ببطء. وإن هبطت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، قد تتجمد كمية من الماء الموجود في الخرسانة. ويتوقف الشك حتى زمن الانتهاء من التفاعلات الكيميائية، وتوقف التميؤ هذا، يؤدي إلى زيادة النفاذية وتراجع القوة والثبات.

مشاكل صب الخرسانة في الطقس البارد

صب الخرسانة

وجاء في الدليل الوطني للبناء، المبحث التاسع: “إن صب الخرسانة في الطقس البارد، يطلق على فترة زمنية عندما تكون فيها درجة الحرارة اليومية خلال أكثر من ثلاثة ايام متتالية دون 5 درجات سنتيغراد. إن معدل درجة الحرارة اليومي، هو معدل أعلى وأدنى درجة حرارة طيلة الفترة الممتدة من منتصف الليل حتى منتصف ليل اليوم التالي. وعندما تكون درجة الحرارة أعلى من 10 درجات سنتيغراد خلال أكثر من نصف مدة 24 ساعة، فحينها لن يعتبر الطقس باردا.

والأيام الثلاثة الأولى بعد صب الخرسانة، مهمة للغاية. وطيلة هذه الفترة، تتصلب الخرسانة نصف السائلة، وتنفذ معظم أدائها من خلال ترابط الاسمنت بالماء. وبما أن الماء مهم للغاية لمعالجة الخرسانة، فان صب الخرسانة في الشتاء، ترافقه الكثير من المشكلات.

والأيام الثلاثة الأولى بعد صب الخرسانة، مهمة للغاية. وطيلة هذه الفترة، تتصلب الخرسانة نصف السائلة، وتنفذ معظم أدائها من خلال ترابط الاسمنت بالماء. وبما أن الماء مهم للغاية لمعالجة الخرسانة، فان صب الخرسانة في الشتاء، ترافقه الكثير من المشكلات.

درجات الحرارة المنخفضة وخطر تجمد الخرسانة

تنطوي عملية المعالجة التي تؤدي إلى تصلب الخرسانة، على تفاعل كيميائي يتأثر بالحرارة. وعلى الرغم من أن الحرارة المرتفعة للغاية في الصيف، يمكن أن تؤثر سلبا على معالجة الخرسانة، لكن درجات الحرارة المنخفضة في الشتاء، تلحق أضرارا أكثر بالخرسانة.

وفي درجة حرارة تقل عن 40 درجة فهرنهايت، فان عملية الشك الابتدائي يمكن أن تتم بين 2 و 24 ساعة أطول، وفي حالة الظروف الجوية القاسية، فان هذه الفترة قد تزيد حتى أكثر من ذلك. وخلال هذه المدة، فان الخرسانة المصبوبة في درجة حرارة التجمد، يمكن أن تنتج مشاكل على إثر التجمد وتمدد الماء داخل الخلطة.

وهذه المشاكل تتمثل في الغالب في تشقق الطبقة العليا من الخرسانة وتحطم أعضاء الخرسانة تحت وزن المبنى. إن صب الخرسانة في الهواء البارد، قد يؤدي إلى عدم تصلب الخرسانة في الزمن العادي، وبروز عيوب هيكلية عديدة. ولهذه الأسباب، عادة ما يتم صب الخرسانة في فصل الشتاء على يد مهنيين يعرفون ما هي الاحتياطات الواجب اتخاذها

آليات ومتطلبات صب الخرسانة في الطقس البارد

يمكن إضافة مُسرّعات كيميائية تُسرّع عملية المعالجة إلى الخليط الخرساني قبل صبه إذا كان الجو في المنطقة شديد البرودة. كما توجد خلطات خرسانية ساخنة ومزائج إسمنتية مخصصة للاستخدام في البيئات الباردة وتُستخدم في حالات متخصصة.

وفيما يلي، نشير إلى بعض نقاط وتكتيكات صب الخرسانة في الأجواء الباردة:

1.خفض مسامية الخرسانة

ومن بين جميع العوامل المؤثرة على مقاومة تجمد الخرسانة، تلعب النفاذية أو المسامية، أهم دور في هذا المجال. إن الخرسانة غير النافذة، تحتوي على كميات ضئيلة فقط من الرطوبة الحرة في منافذها، ولذلك يزول التأثير المدمر الناتج عن تجمد الماء وتمدده إلى حد كبير.

وهناك ثلاثة أساليب رئيسية لخفض النفاذية وبالتالي زيادة المقاومة أمام تجمد الخرسانة، وهي:

  • استخدام الإضافات الخرسانية المنتجة للفقاعات والتي تؤدي إلى الحد من ظهور التشققات  الشعرية في الخرسانة.
  • خفض نسبة الماء إلى الإسمنت واستخدام مخففات الاحتكاك التي تعمل بدورها على تقليص سرعة نزف الخرسانة.
  • استخدام  البوزولان بما فيه الرماد المتطاير كبديل لقسم من الإسمنت (بشكل عام 15 إلى 20 بالمائة) كخطوة لخفض مسامية الخرسانة.

2.المقاومة الابتدائية للخرسانة

إن نسبة زيادة مقاومة الخرسانة في درجات الحرارة المنخفضة، ضئيلة نسبيا، وهذا يمكن أن يؤثر على سرعة البناء والإنشاء. إن أساليب الوصول إلى زمن الشك الأسرع والمقاومة الأولية للخرسانة تختلف حسب التطبيقات المختلفة. وللتغلب على هذه المشكلة، هناك عدة طرق لإنتاج المقاومة المبكرة.

  • استخدام المضافات المُسرّعة
  • استخدام الماء الساخن في الخلطة الخرسانة
  • تغطية أو تسخين القوالب قبل الصب

وعلى الرغم من المشاكل التي قد تحصل أثناء صب الخرسانة، فان صب الخرسانة في الأجواء الباردة، ما يزال يمكن أن يشكل عملية مؤثرة في حالة اتخاذ الإجراءات والاحتياطات المبدئية. وبداية يجب تحضير وتجهيز الموقع المقرر أن تُصب فيه الخرسانة.

ويستخدم القائمون على البناء، الحصير المدفأة لتسخين القوالب إلى درجة حرارة أكثر ثباتا، ثم يستخدمون بطانية خرسانية خاصة لتغطية المزيج المُعالج وتدفئته للأيام القليلة الأولى.

3-زيادة كمية الإسمنت

وفي بعض المشروعات، يستخدم الأشخاص، تركيبة من الإسمنت البورتلاندي نوع 1و2. وقد يستخدم آخرون، الإسمنت نوع 3 وهو إسمنت ذو مقاومة مبكرة عالية. إن هذا الإسمنت هو مسحوق أكثر دقة وينفذ تفاعل التميؤ بصورة أسرع. لذلك فان زيادة مقاومة الانضغاط الابتدائية للخرسانة المصنوعة من الإسمنت نوع 3، هي أكثر. إن الكمية المستخدمة من أي من هذه الأنواع من الإسمنت، يجب أن تحظى بجدوى اقتصادية للمشروع.

معالجة الخرسانة في الجو البارد

ووفقا للدليل “آبا” والمبحث التاسع للوائح والأنظمة الوطنية، فان معالجة الخرسانة الطازجة، يجب أن تستمر ما لا يقل عن 24 ساعة حتى الوصول إلى مقاومة 50 ميغا باسكال. ولمعالجة الخرسانة الطازجة وحمايتها في مقابل التجمد، يمكن اتباع الأساليب التالية:

  • استخدام الغطاءات الواقية العازلة
  • تسخين الخرسانة من خلال الإفادة من المدفأة الكهربائية أو رش أعضاء الخرسانة بالمياه الساخنة 
  • الأساليب الأخرى المعتمدة من جانب الأجهزة الرقابية

كما يجب محافظة الخرسانة الطازجة في مقابل هبوب الرياح. ولهذا الغرض، تستخدم الأغطية العازلة.

وأخيرا

إن صب الخرسانة في الجو البارد، تلازمه تحديات ومشاكل كثيرة، لذلك فمن الأهمية بمكان معالجة كل مشكلة بصورة علمية وصحيحة. كما يتعين على جميع المنتسبين والعاملين، التحلي بالجهوزية لمواجهة البرودة، واستخدام الملابس والتجهيزات الملائمة. ويُنصح بصب الخرسانة في أواسط النهار لا سيما أثناء الظهيرة حيث ترتفع درجة الحرارة أكثر من الساعات الأخرى. وتم سلفا، شرح الاحتياطات الاخرى اللازمة في هذا المجال.